أ. نشأة القواعـد الفقهية:
إن
القواعد المأثورة في الفقه الإسلامي لم توضع دفعة واحدة كما هو الشأن بالنسبة
للنصوص القانونية، ولم تكتمل صياغتها صياغة علمية تامة بما هي عليه من الدقة في
الحبك والسبك، بل مرت نصوصها بمراحل وبتدرج في عصور ازدهار الفقه على أيدي كبار فقهاء
المذاهب من أهل التخريج والترجيح ،واستنباطا من دلالات النصوص التشريعية العامة،
ومبادئ أصول الفقه، وعلل الأحكام، إلى أن وصلت إلى ما هي عليه من النضج والكمال
فكتبت فيها الكتب والمؤلفات، فازداد الفقه ازدهارا وتطورا.
وإن
جل من بحث في القواعد وصنف فيها، نجده يرد بداية نشأتها إلى عصر الرسالة الأول على
يد النبي e، الذي أوتي جوامع الكلم
،" فعلا ففي القرآن الكريم والسنة النبوية نصوص بعضها يمثل بذاته وألفاظه
قواعد تشريعية جاهزة، وبعضها يقدم للفقيه مادة خصبة يستطيع أن يصوغ منها قدرا
وافرا من هذه القواعد"[1] . وقد أثر عن بعض
التابعين شيء من هذه القواعد قبل تكوين المذاهب الفقهية المشهورة التي كان لها
الفضل في صياغة القاعدة وصقلها عن طريق تداولها واعتمادها في "مجال
التعليل والاستدلال، فقد كانت تعليلات الأحكام الفقهية الاجتهادية، ومسالك
الاستدلال القياسي عليها، أعظم مصدر لتقعيد هذه القواعد وأحكام صيغها بعد استقرار
المذاهب الفقهية الكبرى، وانصراف كبار أتباعها إلى تحريرها وترتيب أصولها وأدلتها"[2]
.
فبقدر ما كان يجد من القضايا و يكثر، كان
التأليف يزدهر، وحركة التقعيد تظهر حتى اكتملت المذاهب، ونضجت أصولها ومناهجها في
الاجتهاد والاستنباط والفتوى، فجاء عصر الذين تتلمذوا على أيدي أولئك الأئمة
الكبار، وبدأت تأليفاتهم تنطبع بطابع التقعيد
والتأصيل إلى أن استوت على سوقها في القرن الرابع الهجري، لكن كعلم مستقل له
مقوماته النظرية، ومباحثه العلمية الواضحة، التي كانت من نصيب الفقهاء المتأخرين
الذين ألفوا فيها ووسعوا مباحثها وأفردوها بالتصنيف والترتيب"[3].
ولم
تبدأ حركة التقعيد تشتهر وتتقدم في الظهور متكاملة إلا في بداية القرن السابع الهجري
فما بعده، من أمثال الإمام القرافي والإمام العز بن عبد السلام والشيخ التلمساني
رحمه الله، ومنه أختصر لأذكر أهم وأشهر كتب القواعد عند المالكية أو مما يبحث
فيها:
ü
كتاب
القواعد لمحمد بن أحمد بن رشد، المتوفى سنة 550هـ.
ü
أنوار
البروق في أنواء الفروق لأحمد بن إدريس القرافي، المتوفى سنة 684هـ.
ü
القوانين
الفقهية لمحمد بن أحمد بن جزي، المتوفى سنة 741هـ.
ü
قواعد
الفقه لمحمد بن محمد المقري، المتوفى سنة 758هـ.
ü
مفتاح
الأصول إلى بناء الفروع على الأصول لمحمد بن أحمد التلمساني، المتوفى سنة 771هـ.
ü
تأسس
القواعد والأصول وتحصيل الفوائد لذوي الوصول لأحمد بن أحمد البرنوسي الشهير بالشيخ
زروق، المتوفى سنة 899هـ.
ü
إيضاح
المسالك إلى قواعد الإمام مالك لأحمد بن يحيى الونشريسي، المتوفى سنة 914هـ.
ü
شرح
تأسس القواعد والأصول للبرنوسي، لمحمد بن علي الحزوبي الطرابلسي، المتوفى سنة
963هـ.
ü
قواعد
الفقه لمحمد العربي العلوي العابدي المدغري.
ü
قواعد الفقه الإسلامي من خلال كتاب الإشراف على
مسائل الخلاف، القاضي عبد الوهاب البغدادي، د.محمد الروكي.
ü
تطبيقات
قواعد الفقه عند المالكية من خلال كتاب ( البهجة في شرح التحفة) الصادق بن عبد
الرحمان الغرباني.
[1]
قواعد الفقه الإسلامي من خلال كتاب الإشراف على
مسائل الخلاف، القاضي عبد الوهاب، تأليف د.محمد الروﮔي، ص:128.
مواضيع قد تفيدك أيضاَ :
الرئيسية,
قسم المقالات المنوعة,
مشاركات الزوار
0 التعليقات:
إرسال تعليق