تعريف الرخصة وبيان
أنواعها.
تعريف الرخصة
ينقسم الحكم[1] إلى عزيمة ورخصة
فالعزيمة
هي ما شرع من الأحكام العامة ابتداءا، ومعنى عموم الحكم أنه لا يختص ببعض المكلفين
من حيث هم مكلفون ولا ببعض الأحوال: كالصلاة فإنها مشروعة على الإطلاق والعموم على
كل شخص وفي كل حال. وكذلك الصوم والزكاة والحج وسائر شعائر الإسلام. ومعنى شرعيتها
ابتداء أن يكون قصد الشارع به إنشاء الأحكام التكليفية على العباد من أول الأمر
فلا يسبقها حكم شرعي قبل ذلك فإن سبقها وكان منسوخا بهذا الأخير، كان هذا الأخير
كالحكم الابتدائي تمهيدا لمصالح الكلية العامة[2].
أما
الرخصة: فهي ما شرع من الأحكام لعذر شاق بقصد رعاية حاجة الناس، أو للتخفيف على
المكلف في حالات خاصة مع بقاء السبب الموجب للحكم الأصلي[3].
فالعذر
يدخل تحته الاضطرار، ومشقة السفر، وإباحة ترك الجماعة في الصلاة لمرض أو نحوه،
وأمثلة الرخصة: التلفظ بالكفر عند الإكراه، والأكل من الميتة عند الضرورة، فالعذر
في الأول: الإكراه، وفي الثاني: هو ضرورة حفظ النفس، هذه الرخص رغم مشروعيتها إلا
أن جوازها لا يعني رفع الحكم الأصلي لأن سببه لازال قائما. وهو في الأول مثلا:
وجود أدلة وجوب الإيمان وحرمة الكفر. وهو في الثاني: ضرر الميتة أما إذا لم يبقى
السبب الموجب للحكم الأصلي فلا يسمى رخصة.
الفرع
الثاني: أنواع الرخصة:
تنقسم
الرخص في الشرع إلى أربعة أنواع[4]:
- النوع
الأول: إباحة الفعل المحرم عند الضرورة والحاجة: كالتلفظ بالكفر عند الإكراه
على القتل أو قطع عضو مع اطمئنان القلب بالإيمان لقوله تعالى [ من
كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ][5]، وكالإفطار في رمضان عند الإكراه.
- النوع
الثاني: إباحة ترك
الواجبات إذا كان في فعلها مشقة تلحق المكلف كإباحة الفطر في رمضان لقوله تعالى[ فمن
كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر][6].
- النوع
الثالث: إباحة
العقود والتصرفات التي يحتاج إليها الناس، مع مخالفتها للقواعد المقررة، كعقد
السلم، فإنه بيع المعدوم، وبيع المعدوم باطل ولكن الشرع أجازه لحاجة الناس إليه.
- النوع
الرابع: رفع
الأحكام الشاقة التي كانت مفروضة في الشرائع السابقة والتخفيف فيها على الأمة
الإسلامية. كاشتراط قتل النفس للتوبة من العصيان وإيجاب ربع المال في الزكاة.
هذه هي
أنواع الرخصة الشرعية، والأخذ بها جائز إلا إذا خاف الإنسان هلاك نفسه، أو إتلاف
عضو من أعضائه فإنه يصبح الأخذ بها واجب.
قال
الشاطبي رحمه الله:"حكم الرخصة الإباحة مطلقا من حيث هي رخصة واستدل على ذلك
بعدة أمور.
أحدها:
آيات الرخص من نحو قوله تعالى [ فمن اضطر غي باغ ولا عاد فلا إثم عليه][7]. وقوله تعالى:" [ فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم ][8] وغير ذلك من النصوص الدالة على رفع الحرج
والإثم من غير أن يرد في جميعها أمر يقتضي الإقدام على الرخصة.
الثاني:
أن الرخصة أصلها التخفيف ورفع الحرج حتى يكون المكلف في سعة واختيار بين الأخذ
بالعزيمة والرخصة وهذا أصله الإباحة.
الثالث:
لو كانت الرخص مأمور بها وجوبا أو ندبا لكانت عزائم لا رخصا لأن الواجب هو الحتم
اللازم الذي لا خيرة فيه، والمندوب كذلك من مطلق الأمر. فإذا يكون الجمع بين الأمر
والرخصة جمعا بين متنافيين[9].
والحاصل
أن الشريعة الإسلامية جاءت لرفع الحرج والمشقة على المكلف وذلك بتشريع مجموعة من
الرخص ليسهل على المكلف القيام بعبادته على الوجه المطلوب شرعا، مع الحفاظ على
نفسه وأعضائه سالمة عملا بقاعدة: جلب المصالح أولى من درء المفاسد. فما هي إذن
الحالات التي أباح الشرع فيها للمكلف الأخذ بالرخصة؟ وبعبارة أخرى: ما هي أسباب
هذا التخفيف؟ وما هي أنواعه؟
[1] - يراد بالحكم هنا: الوضعي وهو ما اقتضى
وضع شيء سببا لشيء أو شرطا له أو مانعا منه وهو بالإضافة
إلى هذين النوعين يشتمل على السبب والشرط والمانع.
مواضيع قد تفيدك أيضاَ :
الرئيسية,
قسم المقالات المنوعة
0 التعليقات:
إرسال تعليق